باسم الله الرحمن الرحيم, و صل اللهم و سلم و بارك على الحبيب المصطفى أما بعد: كل مسلم يذنب, و يخطأ في دنياه, و الله يغفر الذنوب جميعا, عندما نستغفره و نعود اليه داعين بدعاء المغفرة و الهداية بقلب سليم تائبين و نادمين .
شرح دعاء المغفرة
الشرح: (اللم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت). اغفر لي يا ربي! ذنوبي قبل وقتي هذا, و في هذا الوقت (و ما أسررت و ما أعلنت). أي; ما أخفيتُ من ذنوبي, و ما أظهرتُها, و ما حدَّثتُ به نفسي, و ما أعلنه لساني, و ما أنت أعلمُ به مني أي; عامّة الذنوب التي تعلمها يا ربي أكثر مني.
(إنك أنت المقدِّم و المؤخِّرُ). من أسماء الله الحسنى المقدم و المؤخِّر; هو الذي يقدم الأشياء و يضعها في مواضعها, فمن يستحقُّ التقديم قدّمه الله عز و جل, و يؤخّرها ويضعها في مواضعها ومن يستحقُّ التأخير أخَّره.
و قيل أيضا في شرح الحديث, المقدم : أي من تشاء الى الجنة بالتوفيق للعمل الصالح, و أنت المؤخِّر: أي لمن تريد الى جهنم بالخذلان.
( لا إله إلا أنت). أي توحيد الله عز و جل هو الواحد الأحد, و لا نعبدك إلا أنت الفردُ الصمد.
الدعاء في الصلاة
لقد خص أبو بكر رضي الله عنه, الدعاء في صلاته لأنها بالإجابة أحقّ كما في الحديث: أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد فأكثروا الدعاء . فطلب من حبيبه تعليمة الدعاء في صلاته فيكون دعاء جامعا لنيل المغفرة و الهداية.
(قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا). وهو ترك النفس لذاتها و هواها, و التذلل و الخضوع لله عز و جل (و لا يغفر الذنوب إلا أنت). إقرار و اعتراف بوحدانية الله, القادر هو وحده على غفران الذنوب, (فاغفر لي من عندك مغفرة, إنك أنت الغفور الرحيم). تفضّلا منك يا الله, و رحمة من عندك أن تغفر لي ذنوبي لا لأني أستحق ذلك أي; الاعتراف بغاية التقصير و طلب المغفرة لستر الذنوب.
كان حبيبنا و شفيعنا يسأل الله الهداية أي; الصراط المستقيم, الهدى تعني كذلك الهداية الكاملة, (و العفاف و الغنى). العفاف; من العفّة و هي التنزُّه عما لا يُباح, و العفّة: الكفُّ عن المعاصي, و الغنى: أي غنى النفس, وعدم الحاجة و الاستغناء عن أيدي الناس, و هذه صفة حميدة من صفات المؤمن العفيف الذي لا يمدُّ يده الى الناس. بل يتوكل على الله الذي هو حسبه, فاسألوا الله إخواني العفاف و الغنى.
الثبات على دين الله
صديقي المسلم: هذا الدعاء كان يكثر منه الحبيب المصطفى. فيجبُ مراعاة هذا, و الاقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم, (اللهم يا مقلب القلوب). معناه; يا الله يا محوّل القلوب, و يا مُصرِّف القلوب من الضلالة الى الهداية, و من الهداية الى الضلالة, (و هذا إخواني بعد انطماس القلب والعياذ بالله لأن الله يحول بين المرء و قلبه). قال الله عز و جل: ***(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعدإذ هديتنا )) ***
(ثبت قلبي على دينك). التضرع لله عز و جل بثبات القلب على دينه, فيه خضوع النبي صلى الله عليه و سلم لربّه, و تضرعه الي , و هو المعصوم, يسأل الله بالثبات على الدين الى مماتنا وحسن خاتمتنا.
أفضل دعاء لغفران الذنوب
عن عبد الله بن أبي أَوفى , عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يدعو: ** اللهم لك الحمد , ملء السماوات و ملء الأرض , و ملء ما شئت من شيء بعد , اللهّم طهِّرني بالبَرَد و الثلج و الماء البارد , اللهم طهرني من الذنوب , و نقِّني كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس **
اللهم لك الحمد, ربنا لك الحمد, لتحصيل ذلك, وملء السماوات و ملء الأرض أي الحمد بكثرة الى ما نهاية, الى غاية ملء ما شئت من شيء بعد. و فيه الاعتراف في الدعاء بالعجز عن أداء حقّ الحمد, بعد إفراغ الوسع ففيه إحالة الأمر على مشيئة الله عز و جل .
(اللهم طهرني بالبَرَد و الثلج و الماء البارد). أي; اللهم طهرني بكل أنواع مغفرتك التي تمحقُ الذنوب, و يقول العلماء: ذكر الثلج و البَرَد تأكيدا لأنهما لم تمسًّهما الأيدي, ولم يمتهنهما الاستعمال. و هذا تعبير دقيق يعبر عن المبالغة في النقاء و الطهارة من الذنوب (كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس). و الدنس هو: الوسخ الذي يقع على الثوب الأبيض و التطهير فيه يكون ظاهرا أكثر لبياضه.